بالقسم، كما نقول: لا والله لا صحة لقول الكفار، أقسم عليه.
ثم إنه سبحانه يصف هذا القسم بكونه عظيما، كما في قوله (وانه لقسم لو تعلمون عظيم)، فقوله: (عظيم) وصف (ا لقسم) أخر لحفظ فواصل الآيات.
وهذا القسم هو القسم الوحيد الذي وصفه سبحانه بأنه عظيم، فالحديث هنا هو حديث على الابعاد، أبعاد النجوم عنا، وعن بعضها البعض، في مجرتنا، وفي كل المجرات، ولأنها كلها تتحرك، فان الحديث عن مواقعها يصير أيضا حديثا على مداراتها، وحركاتها الأخرى العديدة، وسرعاتها، وعلى علاقاتها بالنجوم الأخرى، وعلى القوى العظيمة والحسابات المعقدة، التي وضعت كل نجم في موقعه الخاص به وحفظته، في علاقات متوازنة، دقيقة، محكمة، فهي لا يعتريها الاضطراب، ولا تتغير سننها وقوانينها، وهي لا تسير خبط عشواء أو في مسارات متقاطعة أو متعارضة بل هي تسير كلها بتساوق وتناغم وانسجام وانتظام تامين دائمين، آيات على قدرة القادر سبحانه. (1) يقول الفلكيون: إن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم، ما يمكن رويته بالعين المجردة، وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه، هذه كلها تسبح في الفلك الغامض، ولا يوجد أي احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال نجم آخر، أو يصطدم كوكب بآخر إلا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد وبسرعة واحدة، وهو احتمال بعيد وبعيدا جدا، إن لم يكن مستحيلا. (2)