سافلين) الفئة المؤمنة العاملة بالصالحات ويقول: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون (1).
إلى هنا تبين المقسم به والمقسم عليه.
بقي الكلام في الصلة بين المقسم به والمقسم عليه، فنقول:
إنه سبحانه بعث الأنبياء لهداية الناس، فمنهم من يهتدي بكتابه وسنته، فهذه الطائفة تكفيها قوة المنطق، وثمة طائفة أخرى لا تهتدي، بل تثير العراقيل في سبيل دعوة الأنبياء، فهداية هذه الطائفة رهن منطق القوة، ولذلك يقول سبحانه: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس). (2) فهذه الآية مؤلفة من فقرتين:
الفقرة الأولى التي تتضمن البحث عن إرسال الرسل بالبينات وإنزال الكتب والميزان راجعة إلى من له أهلية للهداية فيكفيه قوة المنطق والفقرة الثانية، أعني: (وأنزلنا الحديد) فهي راجعة إلى من لا يستلهم من نداء العقل والفطرة ولا يهتدي بل يثير الموانع فلا يجدي معهم سوى الحديد الذي هو رمز منطق القوة.
وبذلك يعلم وجه الصلة بين إنزال الحديد وإرسال الكتب، وبهذا تبين أيضا وجه الصلة بين الأقسام والمقسم عليه، ففي الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعظ ويبعث رجال الدعوة لارشاد الناس، اجتمعت طائفة