الثاني: أن يقال: ان خنوسها وانقباضها كناية عن قرب فواصلها ثم هي تجري وتستمر في مجاريها، وكنوسها عبارة عن قربها وتراجعها قال في اللسان: وكنست النجوم كنسا، كنوسا: استمرت من مجاريها ثم انصرفت راجعة. (1) وعلى ذلك فالله سبحانه يحلف بهذه الأنجم الخمسة بحالاتها الثلاث المترتبة في الليل، وهي انها على أحوال ثلاثة.
منقبضات حينما تقرب فواصلها ثم إنها بالجري يبتعد بعضها عن بعض، ثم ترجع بالتدريج إلى حالتها الأولى فهي بين الانقباض والابتعاد بالجري ثم الرجوع إلى حالتها الأولى.
(والليل إذا عسعس): وقد فسر عسعس بإدبار الليل وإقباله، فإقبالها في أوله وإدبارها في آخره.
والظاهر أن المراد هو إقبالها.
قال الزجاج: عسعس الليل إذا أقبل وعسعس إذا أدبر، ولعل المراد هو الثاني بقرينة الحلف الثالث أعني (والصبح إذا تنفس)، والمراد من تنفس الصبح هو انبساط ضوئه على الأفق ودفعه الظلمة التي غشيته، وكأن الصبح موجود حيوي يغشاه السواد عند قبض النفس ويعلوه الضوء والانبساط عند التنفس قال الشاعر:
حتى إذا الصبح لها تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا هذا كله حول المقسم به، وأما المقسم عليه فهو قوله: (إنه لقول رسول