يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العين، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان، ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه، ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة، لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن، ولا يشيرون إليه بالنظائر. (1) وقد عرفت أن المقسم عليه هو كتبعثن، وأما الصلة بين المقسم به والمقسم عليه، هو ما قدمناه في الفصل السابق وهي ان الملائكة هم وسائط التدبير وخلق العالم وتدبيره لم يكن سدى ولا عبثا بل لغاية خاصة وهو عبارة عن بعث الناس ومحاسبتهم وجزائهم بما عملوا.
(١٣٥)