قوله تعالى: " ودوا لو تدهن فيدهنون " الادهان من الدهن يراد به التليين أي ود وأحب هؤلاء المكذبون أن تلينهم بالاقتراب منهم في دينك فيلينوك بالاقتراب منك في دينهم، ومحصله أنهم ودوا أن تصالحهم ويصالحوك على أن يتسامح كل منكم بعض المسامحة في دين الآخر كما قيل: إنهم عرضوا عليه أن يكف عن ذكر آلهتهم فيكفوا عنه وعن ربه.
وبما تقدم ظهر أن متعلق مودتهم مجموع " لو تدهن فيدهنون " وأن الفاء في " فيدهنون " للتفريع لا للسببية.
قوله تعالى: " ولا تطع كل حلاف مهين - إلى قوله - زنيم " الحلاف كثير الحلف، ولازم كثرة الحلف والأقسام في كل يسير وخطير وحق وباطل أن لا يحترم الحالف شيئا مما يقسم به، وإذا كان حلفه بالله فهو لا يستشعر عظمة الله عز اسمه وكفى به رذيلة.
والمهين من المهانة بمعنى الحقارة والمراد به حقارة الرأي، وقيل: هو المكثار في الشر، وقيل: هو الكذاب.
والهماز مبالغة من الهمز والمراد به العياب والطعان، وقيل: الطعان بالعين والإشارة وقيل: كثير الاغتياب.
والمشاء بنميم النميم: السعاية والافساد، والمشاء به هو نقال الحديث من قوم إلى قوم على وجه الافساد بينهم.
والمناع للخير كثير المنع لفعل الخير أو للخير الذي ينال أهله.
والمعتدي من الاعتداء وهو المجاوزة للحد ظلما.
والأثيم هو الذي كثر إثمه حتى استقر فيه من غير زوال والاثم هو العمل السيئ الذي يبطئ الخير.
والعتل بضمتين هو الفظ الغليظ الطبع، وفسر بالفاحش السيئ الخلق، وبالجافي الشديد الخصومة بالباطل، وبالأكول المنوع للغير، وبالذي يعتل الناس ويجرهم إلى حبس أو عذاب.
والزنيم هو الذي لا أصل له، وقيل: هو الدعي الملحق بقوم وليس منهم، وقيل:
هو المعروف باللؤم، وقيل: هو الذي له علامة في الشر يعرف بها وإذا ذكر الشر سبق هو إلى الذهن، والمعاني متقاربة.