تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٥٧
لجوا في عتو ونفور _ 21. أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم _ 22.
(بيان) في الآيات كرة بعد كرة بآيات التدبير الدالة على ربوبيته تعالى مقرونة بالانذار والتخويف أعني قوله: " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا " الآية، وقوله: " أولم يروا إلى الطير " الآية بعد قوله: " الذي خلق الموت والحياة " الآية، وقوله: " الذي خلق سبع سماوات " الآية، وقوله: " ولقد زينا " الآية.
قوله تعالى: " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " الذلول من المراكب ما يسهل ركوبه من غير أن يضطرب ويجمح والمناكب جمع منكب وهو مجتمع ما بين العضد والكتف واستعير لسطح الأرض، قال الراغب:
واستعارته للأرض كاستعارة الظهر لها في قوله: " ما ترك على ظهرها من دابة " وتسمية الأرض ذلولا وجعل ظهورها مناكب لها يستقر عليها ويمشي فيها باعتبار انقيادها لأنواع التصرفات الانسانية من غير امتناع، وقد وجه كونها ذلولا ذا مناكب بوجوه مختلفة تؤل جميعها إلى ما ذكرنا.
والامر في قوله: " وكلوا من رزقه " للإباحة والنشور والنشر إحياء الميت بعد موته وأصله من نشر الصحيفة والثوب إذا بسطهما بعد طيهما.
والمعنى: هو الذي جعل الأرض مطاوعة منقادة لكم يمكنكم أن تستقروا على ظهورها وتمشوا فيها تأكلون من رزقه الذي قدره لكم بأنواع الطلب والتصرف فيها.
وقوله: " وإليه النشور " أي ويرجع إليه نشر الأموات بإخراجهم من الأرض وإحيائهم للحساب والجزاء، واختصاص رجوع النشر به كناية عن اختصاص الحكم بالنشور به والاحياء يوم القيامة فهو ربكم المدبر لأمر حياتكم الدنيا بالاقرار على الأرض والهداية إلى مآرب الحياة، وله الحكم بالنشور للحساب والجزاء.
وفي عد الأرض ذلولا والبشر على مناكبها تلويح ظاهر إلى ما أدت إليه الأبحاث العلمية
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست