تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٥١
كان فمرادهم به أإنا إذا متنا وانتشرت أجزاء أبداننا في الأرض وصرنا بحيث لا تميز لأجزائنا من سائر أجزاء الأرض ولا خبر عنا نقع في خلق جديد ونخلق ثانيا خلقنا الأول؟
والاستفهام للانكار، والخلق الجديد هو البعث.
وقوله: (بل هم بلقاء ربهم كافرون) اضراب عن فحوى قولهم: (أإذا ضللنا في الأرض) كأنه قيل: انهم لا يجحدون الخلق الجديد لجحدهم قدرتنا على ذلك أو لسبب آخر بل هم كافرون بالرجوع إلينا ولقائنا ولذا جئ في الجواب عن قولهم بما يدل على الرجوع.
قوله تعالى: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) توفى الشئ أخذه تاما كاملا كتوفي الحق وتوفي الدين من المديون.
وقوله: (ملك الموت الذي وكل بكم) قيل: أي وكل بإماتتكم وقبض أرواحكم والآية مطلقة ظاهرة في أعم من ذلك.
وقد نسب التوفي في الآية إلى ملك الموت، وفى قوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) الزمر: 42 إليه تعالى، وفى قوله: (حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا) الانعام: 61، وقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) النحل: 28، إلى الرسل والملائكة نظرا إلى اختلاف مراتب الأسباب فالسبب القريب الملائكة الرسل أعوان ملك الموت وفوقهم ملك الموت الامر بذلك المجرى لأمر الله والله من ورائهم محيط وهو السبب الاعلى ومسبب الأسباب فذلك بوجه كمثل كتابة الانسان بالقلم فالقلم كاتب واليد كاتبة والانسان كاتب.
وقوله: (ثم إلى ربكم ترجعون) هو الرجوع الذي عبر عنه في الآية السابقة باللقاء وموطنه البعث المترتب على التوفي والمتراخي عنه، كما يدل عليه العطف بثم الدالة على التراخي.
والآية - على أي تقدير - جواب عن الاحتجاج بضلال الموتى في الأرض على نفى البعث ومن المعلوم أن إماتة ملك الموت لهم ليس يحسم مادة الاشكال فيبقى قوله:
(ثم إلى ربكم ترجعون) دعوى خالية عن الدليل في مقابل دعواهم المدللة والكلام
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست