الأبيض حتى بلغ ساحل المحيط الغربي فوجد الشمس تغيب في عين حمئة أو حامية.
ثم رجع سائرا نحو المشرق وبنى في مسيره " أفريقية (1). وكان شديد الولع وذا خبرة في البناء والعمارة ولم يزل يسير حتى مر بشبه جزيرة وبراري آسيا الوسطى وبلغ تركستان وحائط الصين ووجد هناك قوما لم يجعل الله لهم من دون الشمس سترا.
ثم مال إلى الجانب الشمالي حتى بلغ مدار السرطان، ولعله الذي شاع في الألسن أنه دخل الظلمات، فسأله أهل تلك البلاد أن يبني لهم سدا يصد عنهم يأجوج ومأجوج لما أن اليمنيين - وذو القرنين منهم - كانوا معروفين بعمل السد والخبرة فيه فبنى لهم السد.
فإن كان هذا السد هو الحائط الكبير الحائل بين الصين ومنغوليا فقد كان ذلك ترميما منه لمواضع تهدمت من الحائط بمرور الأيام وإلا فأصل الحائط إنما بناه بعض ملوك الصين قبل ذلك، وإن كان سدا آخر غير الحائط فلا إشكال. ومما بناه ذو القرنين واسمه الأصلي " شمر يرعش " في تلك النواحي مدينة سمرقند (2) على ما قيل. وأيد ذلك بأن كون ذي القرنين ملكا عربيا صالحا يسأل عنه الاعراب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويذكره القرآن الكريم للتذكر والاعتبار أقرب للقبول من أن يذكر قصة بعض ملوك الروم أو العجم أو الصين، وهم من الأمم البعيدة التي لم يكن للأعراب هوى في أن يسمعوا أخبارهم أو يعتبروا بآثارهم، ولذا لم يتعرض القرآن لشئ من أخبارهم.
انتهى ملخصا.
والذي يبقى عليه أن كون حائط الصين هو سد ذي القرنين لا سبيل إليه فإن ذا القرنين قبل الإسكندر بعدة قرون على ما ذكره وقد بنى حائط الصين بعد الإسكندر بما يقرب من نصف قرن وأما غير الحائط الكبير ففي ناحية الشمال الغربي من الصين بعض أسداد اخر لكنها مبنية من الحجارة على ما يذكر لا أثر فيها من زبر الحديد والقطر.