وذلك ذو القرنين تفخر حمير * بعسكر فيل ليس يحصى فيحسبا قال الهمداني: وعلماء همدان تقول ذو القرنين الصعب بن مالك بن الحارث الاعلى ابن ربيعة بن الحيار بن مالك وف ذي القرنين أقاويل كثيرة. انتهى كلام المقريزي.
وهو كلام جامع، ويستفاد منه أولا أن لقب ذي القرنين تسمى به أكثر من واحد من ملوك حمير وأن هناك ذا القرنين الأول (الكبير) وغيره.
وثانيا: أن ذا القرنين الأول وهو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج قبل الإسكندر المقدوني بقرون كثيرة سواء كان معاصرا للخليل عليه السلام أو بعده كما هو مقتضى ما نقله ابن هشام من ملاقاته الخضر ببيت المقدس المبني بعد إبراهيم بعدة قرون في زمن داود وسليمان عليهما السلام فهو على أي حال قبله مع ما في تاريخ ملوك حمير من الابهام.
ويبقى الكلام على ما ذكره واختاره من جهتين:
أحدهما: أنه أين موضع هذا السد الذي بناه تبع الحميري؟.
وثانيهما: أنه من هم هذه الأمة المفسدة في الأرض التي بنى السد لصدهم فهل هذا السد أحد الأسداد المبنية في اليمن أو ما والاها كسد مأرب وغيره فهي أسداد مبنية لادخار المياه للشرب والسقي لا للصد على أنها لم يعمل فيها زبر الحديد والقطر كما ذكره الله في كتابه، أو غيرها؟ وهل كان هناك أمة مفسده مهاجمة، وليس فيما يجاورهم إلا أمثال القبط والاشور وكلدان وغيرهم وهم أهل حضارة ومدنية.
وذكر بعض أجله المحققين (1) من معاصرينا في تأييد هذا القول ما محصله: أن ذا القرنين المذكور في القرآن قبل الإسكندر المقدوني بمئات من السنين فليس هو هو بل هو أحد الملوك الصالحين من التبابعة الأذواء من ملوك اليمن، وكان من شيمة طائفة منهم التسمي بذي كذي همدان وذي غمدان وذي المنار وذي الأذعار وذي يزن وغيرهم.
وكان مسلما موحدا وعادلا حسن السيرة وقويا ذا هيبة وشوكه سار في جيش كثيف نحو المغرب فاستولى على مصر وما وراءها ثم لم يزل يسير على سواحل البحر