وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن عروة ان عبد الله بن أبي قال لأصحابه: لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضوا من حوله، وهو القائل:
ليخرجن الأعز منها الأذل فأنزل الله عز وجل: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لأزيدن على السبعين فأنزل الله: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم.
وفيه أخرج ابن أبى شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: لما نزلت:
(إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سأزيد على سبعين فأنزل الله في السورة التي يذكر فيها المنافقون (لن يغفر الله لهم).
وفيه أخرج ابن جرير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: - لما نزلت هذه الآية - أسمع ربى قد رخص لي فيهم فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم فقال الله من شدة غضبه عليهم: (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدى القوم الفاسقين).
أقول: مما لا ريب فيه ان هذه الآيات مما نزلت في أواخر عهد النبي عليه السلام وقد سبقتها في النزول السور المكية عامة وأكثر السور والآيات المدنية قطعا، ومما لا ريب فيه لمن يتدبر كتاب الله أنه لا رجاء في نجاة الكفار والمنافقين وهم أشد منهم إذا ماتوا على كفرهم ونفاقهم، ولا مطمع في شمول المغفرة الإلهية لهم فهناك آيات كثيرة مكية ومدنية صريحة قاطعة في ذلك.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أجل من أن يخفى عليه ما أنزله الله إليه أو أن لا يثق بما وعدهم الله من العذاب المخلد وعدا حتميا فيطمع في نقض القضاء المحتوم بالاصرار عليه تعالى والالحاح في طلب الغفران لهم.
أو أن يخفى عليه أن الترديد في الآية لبيان اللغوية وأن لا خصوصية لعدد السبعين حتى يطمع في مغفرتهم لو زاد على السبعين.
وليت شعري ما ذا يزيد قوله تعالى في سورة المنافقون: (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدى القوم الفاسقين) على قوله تعالى في هذه الآية (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر