قالا: لئن رزقنا الله مالا لنصدقن فلما رزقهما الله المال بخلا به. عن الحسن ومجاهد.
أقول: ما ذكروه من الروايات لا يدفع بعضها البعض فمن الجائز ان يكون ثعلبة عاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ثم أشهد عليه جماعة من الأنصار، وأن يكون معه في ذلك غيره فتتأيد الروايات بعضها ببعض.
وتتأيد أيضا بما روى عن الضحاك ان الآيات نزلت في رجال من المنافقين:
نبتل بن الحارث، وجد بن قيس، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير.
واما ما رواه في المجمع عن الكلبي انها نزلت في حاطب بن أبى بلتعة كان له مال بالشام فأبطأ عنه وجهد لذلك جهدا شديدا فحلف لئن آتاه الله ذلك المال ليصدقن فاتاه الله تعالى ذلك فلم يفعل، فهو بعيد الانطباق على الآيات لان إيصال المال إلى صاحبه لا يسمى إيتاء من الفضل، وانما هو الاعطاء والرزق.
وفي تفسير القمي قال: وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام - في الآية - قال: هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عوف كان محتاجا فعاهد الله فلما آتاه بخل به.
وفي الدر المنثور أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان.
أقول: وهو مروى بغير واحد من الطرق عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد تقدم بعضها.
وفيه في قوله تعالى: (الذين يلمزون المطوعين) الآية أخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن ابن مسعود قال لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشئ كثير فقالوا:
مراء، وجاء أبو عقيل بنصف صاع فقال المنافقون: إن الله لغنى عن صدقة هذا فنزلت:
(الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم) الآية.
أقول: والروايات في سبب نزول الآية كثيرة وأمثلها ما أوردناه، وفي قريب من معناه روايات أخرى، وظاهرها أن الآية مستقلة عما قبلها مستأنفة في نفسها.