لهذين على الرقاب والغارمين. كذا ذكره في الكشاف.
وفيه: أنه معارض بكون الأربعة الأول مدخولة للام الملك فان المملوك أشد لزوما واتصالا بالنسبة إلى مالكه من المظروف بالنسبة إلى ظرفه، وهو ظاهر.
ومنها: أن الأصناف الأربعة الأوائل ملاك لما عساه يدفع إليهم، وإنما يأخذونه ملكا فكان دخول اللام لائقا بهم، وأما الأربعة الأواخر فلا يملكون ما يصرف نحوهم بل ولا يصرف إليهم ولكن في مصالح تتعلق بهم.
فالمال الذي يصرف في الرقاب انما يتناوله السادة المكاتبون والبائعون فليس نصيبهم مصروفا إلى أيديهم حتى يعبر عن ذلك باللام المشعرة بتملكهم لما يصرف نحوهم، وإنما هم محال لهذا الصرف والمصلحة المتعلقة به، وكذلك الغارمون انما يصرف نصيبهم لأرباب ديونهم تخليصا لذممهم لا لهم، وأما سبيل الله فواضح ذلك فيه، وأما ابن السبيل فكأنه كان مندرجا في سبيل (1) الله، وإنما أفرد بالذكر تنبيها على خصوصيته مع أنه مجرد من الحرفين جميعا وعطفه على المجرور باللام ممكن ولكنه على القريب منه أقرب.
وهذا الوجه لا يخلو عن وجه غير أن اجراءه في ابن السبيل لا يخلو عن تكلف، وما ذكر من دخوله في سبيل الله هو وجه مشترك بينه وبين غيره.
ولو قال قائل بكون الغارمين وابن السبيل معطوفين على المجرور باللام ثم ذكر الوجه الأول بالمعنى الذي ذكرناه وجها للترتيب والوجه الأخير وجها لاختصاص الرقاب وسبيل الله بدخول (في) لم يكن بعيدا عن الصواب.
وقوله في ذيل الآية: (فريضة من الله والله عليم حكيم) إشارة إلى كون الزكاة فريضة واجبة مشرعة على العلم والحكمة لا تقبل تغيير المغير، ولا يبعد ان يتعلق الفرض بتقسمها إلى الأصناف الثمانية كما ربما يؤيده السياق فان الغرض في الآية إنما تعلق ببيان مصارف الصدقات لا بفرض أصلها فالأنسب ان يكون قوله: (فريضة من الله) إشارة إلى أن تقسمها إلى الأصناف الثمانية أمر مفروض من الله لا يتعدى عنه على خلاف ما كان يطمع فيه المنافقون في لمزهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.