له إلها فافهم ذلك.
وثانيا: على أن الدعوة إلى عبادة الله وحده فيما وقع من كلامه تعالى كقوله تعالى: (لا إله إلا أنا فاعبدون) الأنبياء: 25 وقوله: (فلا تدع مع الله إلها آخر) الشعراء: 213 وأمثال ذلك كما أريد بها قصر العبادة بمعناها المتعارف فيه تعالى كذلك أريد قصر الطاعة فيه تعالى، وذلك أنه تعالى لم يؤاخذهم في طاعتهم لأحبارهم ورهبانهم إلا بقوله عز من قائل: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو).
وعلى هذا المعنى يدل قوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم الا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) يس 61، وهذا باب ينفتح منه ألف باب.
وفي قوله: (لا إله إلا هو) تتميم لكلمة التوحيد التي يتضمنها قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا) فإن كثيرا من عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بوجود آلهة كثيرة، وهم مع ذلك لا يخصون بالعبادة إلا واحدا منها فعبادة إله واحد لا يتم به التوحيد الا مع القول بأنه لا إله إلا هو.
وقد جمع تعالى بين العبادتين مع الإشارة إلى مغايرة ما بينهما وان قصر العبادة بكلا معنييها عليه تعالى هو معنى الاسلام له سبحانه الذي لا مفر منه للانسان، فيما أمر به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من دعوة أهل الكتاب بقوله: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران: 64.
وقوله تعالى في ذيل الآية: (سبحانه عما يشركون) تنزيه له تعالى عما يتضمنه قولهم بربوبية الأحبار والرهبان، وقولهم بربوبية المسيح عليه السلام من الشرك.
و الآية بمنزلة البيان التعليلي لقوله تعالى في أول الآيات: (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر) فان اتخاذ إله أو آلهة دون الله سبحانه لا يجامع الايمان بالله، ولا الايمان بيوم لا ملك فيه إلا لله.
قوله تعالى: (يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم) إلى آخر الآية، الاطفاء اخماد النار أو النور، والباء في قوله: (بأفواههم) للالة أو السببية.
وإنما ذكر الأفواه لان النفخ الذي يتوسل به إلى اخماد الأنوار والسرج يكون