لا يؤمنون) الآية فالأوصاف المذكورة أوصاف عامة لجميعهم وهى ثلاثة أوصاف وصفهم الله سبحانه بها: عدم الايمان بالله واليوم الآخر، وعدم تحريم ما حرم الله ورسوله، وعدم التدين بدين الحق.
فاول ما وصفهم به قوله: (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر) وهو تعالى ينسب إليهم في كلامه أنهم يثبتونه إلها وكيف لا؟ وهو يعدهم أهل الكتاب، وما هو إلا الكتاب السماوي النازل من عند الله على رسول من رسله ويحكى عنهم القول أو لازم القول بالألوهية في مئات من آيات كتابه.
وكذا ينسب إليهم القول باليوم الاخر في أمثال قوله: (وقالوا لن تمسنا النار إلا اياما معدودة) البقرة: 80، وقوله: (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) البقرة: 111.
غير أنه تعالى لم يفرق في كلامه بين الايمان به والايمان باليوم الاخر فالكفر بأحد الامرين كفر بالله والكفر بالله كفر بالامرين جميعا، وحكم فيمن فرق بين الله ورسله فامن ببعض دون بعض أنه كافر كما قال: (ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) النساء: 151.
فعد أهل الكتاب ممن لم يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كفارا حقا وان كان عندهم ايمان بالله واليوم الآخر، لا بلسان أنهم كفروا بآية من آيات الله وهى آية النبوة بل بلسان أنهم كفروا بالايمان بالله فلم يؤمنوا بالله واليوم الآخر كما أن المشركين أرباب الأصنام كافرون بالله إذ لم يوحدوه وان أثبتوا إلها فوق الالهة.
على أنهم يقررون أمر المبدء والمعاد تقريرا لا يوافق الحق بوجه كقولهم بان المسيح ابن الله وعزيرا ابن الله يضاهئون في ذلك قول الذين كفروا من أرباب الأصنام والأوثان ان من الالهة من هو إله أب إله ومن هو إله ابن إله، وقول اليهود في المعاد بالكرامة وقول النصارى بالتفدية.
فالظاهر أن نفى الايمان بالله واليوم الآخر عن أهل الكتاب انما هو لكونهم لا يرون ما هو الحق من أمر التوحيد والمعاد وان أثبتوا أصل القول بالألوهية لا لان