عارية مضمونة مؤداة، فأعاره صفوان مائة درع وخرج معه، وخرج من مسلمة الفتح ألفا رجل، وكان صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة في عشرة آلاف رجل وخرج منها في اثنى عشر ألفا.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من أصحابه فانتهى إلى مالك بن عوف وهو يقول لقومه: ليصير كل رجل منكم أهله وماله خلف ظهره، واكسروا جفون سيوفكم واكمنوا في شعاب هذا الوادي وفي السحر فإذا كان في غبش الصبح فاحملوا حملة رجل واحد فهدوا القوم فإن محمدا لم يلق أحدا يحسن الحرب.
ولما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه الغداة انحدر في وادى حنين فخرجت عليهم كتائب هوازن من كل ناحية، وانهزمت بنو سليم وكانوا على المقدمة وانهزم ما وراءهم، وخلى الله تعالى بينهم وبين عدوهم لاعجابهم بكثرتهم وبقى علي عليه السلام ومعه الراية يقاتلهم في نفر قليل ومر المنهزمون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يلوون على شئ.
وكان العباس بن عبد المطلب أخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والفضل عن يمينه، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره، ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث في تسعة من بنى هاشم، وعاشرهم أيمن بن أم أيمن، وفي ذلك يقول العباس:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا وقولي إذا ما الفضل كر بسيفه على القوم أخرى يا بنى ليرجعوا وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه لما ناله في الله لا يتوجع ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله سلم هزيمة القوم عنه قال للعباس - وكان جهوريا صيتا - اصعد هذا الظرب فناد: يا معشر المهاجرين والأنصار يا أصحاب سورة البقرة يا أهل بيعة الشجرة إلى أين تفرون؟ هذا رسول الله.
فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا وقالوا: لبيك لبيك، وتبادر الأنصار خاصة وقاتلوا المشركين حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: الان حمى الوطيس.
أنا النبي لا كذب (1) أنا ابن عبد المطلب، ونزل النصر من عند الله، وانهزمت هوازن هزيمة قبيحة ففروا في كل وجه، ولم يزل المسلمون في آثارهم.