تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٢٧
القول رواه الضحاك عن ابن عباس.
قال في المنار: ولم نره في شئ من كتب التفسير المأثور، والظاهر أنه نقله عن تفاسير الشيعة وفيه أن أصحاب الأعراف يعرفون كلا من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم فيميزون بينهم أو يشهدون عليهم فأي فائدة في تمييز هؤلاء السادة على الصراط لمن كان يبغضهم من الأمويين ومن يبغضون عليا خاصه من المنافقين والنواصب؟ وأين الأعراف من الصراط؟ هذا بعيد عن نظم الكلام وسياقه جدا (انتهى).
أقول: أما الرواية فلا توجد في شئ من تفاسير الشيعة بطرقهم إلى الضحاك، وقد نقله في مجمع البيان عن الثعلبي في تفسيره بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس، وسيأتي ما في روايات الشيعة في رجال الأعراف في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
وأما طرحه الرواية فهو في محله غير أن الذي استند إليه في طرحها ليس في محله فإنه يكشف عن نحو السلوك الذي يسلكه في الأبحاث المتعلقة بالمعاد فإنه يقيس نظام الوقائع التي يقصها القرآن والحديث ليوم القيامة إلى النظام الجاري في النشأة الدنيوية، ويعده من نوعه فيوجه منها ما لاح سبب وقوعه، ويبقى ما لا ينطبق على النظام الدنيوي على الجمود وهو الجزاف في الإرادة فافهم ذلك.
ولو جاز أن يغني تمييز أهل الأعراف عن تمييز أهل الصراط فتبطل فائدته فيبطل بذلك أصله - كما ذكره - لاغنى الصراط نفسه عن تمييز أهل الأعراف، وأغنى عن المسألة والحساب، ونشر الدواوين، ونصب الموازين، وحضور الأعمال، وإقامة الشهود وإنطاق الأعضاء، ولاغنى بعض هذه عن بعض، ووراء ذلك كله إحاطة رب العالمين فعلمه يغني عن الجميع، وهو لا يسأل عما يفعل.
وكأنه فرض أن نسبة الأعراف وهي أعالي الحجاب من الصراط الممدود هناك كنسبة السور والحائط الذي عندنا إلى الصراط الممدود الذي يسلكه الطراق السالكون لا يجتمع هيهنا الصراط والسور ولا يتحدان فلا يسع لاحد أن يكون سالك صراط أو واقفا عليه وواقفا على السور معا في زمان واحد، ولذلك قال: وأين الصراط من الأعراف؟ فقاس ما هناك إلى ما هيهنا، وقد عرفت فساده.
ثم الوارد في ظواهر الحديث أن الصراط جسر ممدود على النار يعبر منه أهل
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست