تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٠٤
بخلاف طينة الشقاوة الملازمة للجعل الذي هو ظلمة وعمى فطينة السعادة نورا، وكثيرا ما يسمى القرآن العلم والهدى نورا كما يسمى الايمان حياة قال تعالى: " أ ومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " الانعام: 122.
وقال: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " البقرة: 257، وفي كون النور أصلا لخلقة طائفة من الموجودات كالأنبياء والملائكة واللوح والقلم والعرش والكرسي والجنة أخبار كثيرة أخرى سيأتي بعضها فيما سيأتي إن شاء الله.
ومنها: ما دل على لحوق الأشقياء بالسعداء يوم القيامة وبالعكس كما في العلل بإسناده عن إبراهيم الليثي عن الباقر عليه السلام في حديث طويل: ثم قال:
أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أ هو بائن من القرص؟
قلت: في حال طلوعه بائن. قال: أ ليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟ قلت: نعم. قال: كذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن.
أ فترى هينها ظلما وعدوانا؟ قلت: لا يا ابن رسول الله. قال: هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع، والعدل البين، لا يسأل عما يفعل و هم يسألون هذا يا إبراهيم الحق من ربك فلا تكن من الممترين، هذا من حكم الملكوت.
قلت: يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال: حكم الله وحكم أنبيائه وقصة الخضر وموسى حين استصحبه فقال: إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا افهم يا إبراهيم واعقل، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله حتى قال له الخضر: يا موسى ما فعلته عن أمري، وإنما فعلته عن أمر الله عز وجل الحديث.
أقول: الرواية تبني البيان على قوله تعالى: " ليميز الله الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم " الأنفال: 37، وآيات
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست