القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩٩
كونهم في مكان حريز غفل عنهم المراقبون، أو يتخلفون عنه لأعذار تخيلوها في أذهانهم ليظهر أعمالهم بمظاهر قانونية، أو ينتهزون ضعف من يستثمرونه لمصالحهم.. وعلى كل حال لا يجدون من يزاحمهم أو يضايقهم، أو يزاحمهم ويضايقهم من هو أضعف منهم ولا يملك القوة الكافية لمقاومتهم وسحقهم. ففي هذا الموضوع ليس للعقل حكم خاص، وهو لا يجد شيئا من الحرية المطلقة، ويدع غريزة الاستخدام والاستثمار بحالها.
فاذن ليس في نطاق العقل وحده أن يرشد إلى قانون اجتماعي تام يضمن نفع المجتمع والفرد بشكل عادل، لأن العقل يدفع إلى رعاية مثل هذا القانون لو لم يجد مزاحما، فإذا وجد مزاحما يمنعه عن حريته المطلقة، يمتنع هو بدوره عن هذا الدفع بل ربما يحكم بخلافه.
قال تعالى: (كلا ان الانسان ليطغى * أن رآه استغنى) (1).
من أنواع الاستغناء، الاستغناء عن التعاون الاجتماعي ورعاية القانون في حفظ حقوق الآخرين.
و - لا تكون الهداية الا بالوحي:
لقد علمنا من المباحث السابقة أن الانسان كبقية الموجودات له هدف ذاتي خاص يضمن سعادته، ولما كان حسب تكوينه

(1) سورة العلق: - 6 7.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»