القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩٨
من هنا يتبين أن العقل وحده لا يمكنه هداية الانسان إلى القانون، لأنه هو الذي يدعو في بعض الأحيان إلى الاختلاف وهو الذي يوقظ غريزة الاستثمار وجلب النفع بصورة مطلقة وبحرية كاملة، وهو الذي يضطر إلى أن يتقبل المجتمع المتوازن كل ذلك لما يحس به من المزاحم الذي يزاحمه.
ومن البديهي أن القوة الواحدة لا يصدر عنها أثرين متناقضين - احداث الاختلافات ورفعها.
ان ما يحدث من سحق الحقوق وعدم الوفاء بالوعود وما أشبه هذا من الأمور، انما يحدث من العقلاء الذين لهم الادراك الكامل ولولا العقل لما صح عندما يفعلونه ذنبا ولما صح العقاب عليه. فلو كان العقل يدل حقا على القوانين الرافعة للاختلاف ولم يكن يتخلف عن واجبه، لما كان يرضى بما يصدر عن الانسان مما ذكرناه، بل كان يمنع منه أشد المنع.
العامل الأصلي في التخلي عن الواجب مع وجود العقل، هو أن العقل يضطر إلى الحكم بقبول مجتمع يحافظ على التوازن ويرعى القوانين المتضمنة للعدالة الاجتماعية، ويوجد هناك مزاحم يحد من الحرية الكاملة في العمل، ولولا وجود المزاحم لما كان العقل يحكم برعاية التعاون والعدالة الاجتماعية.
المتخلفون عن القانون هم الذين يملكون قدرة فوق القدرة المجرية لذلك القانون، فيتخلفون عنه بلا وجل ولا خوف، أو الذين يلجأون إلى مخبأ يصعب الوصول إليهم لبعدهم عن القوة المجرية، أو
(٩٨)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»