القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٦٣
كيف يتقبل القرآن التفسير؟
الإجابة على هذا السؤال تتوضح من الفصول الماضية، فان القرآن الكريم - كما ذكرنا كتاب دائم للجميع، يخاطب الكل ويرشدهم إلى مقاصده، وقد تحدى في كثير من آياته على الاتيان بمثله واحتج بذلك على الناس، ووصف نفسه بأنه النور والضياء والتبيان لكل شئ، فلا يكون مثل هذا الكتاب محتاجا إلى شئ آخر.
يقول محتجا على أنه ليس من كلام البشر: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (1).
ليس فيه أي اختلاف، ولو وجد فيه اختلاف بالنظرة البدائية يرتفع بالتدبر في القرآن نفسه.
ومثل هذا الكتاب لو احتاج في بيان مقاصده إلى شئ آخر لم تتم به الحجة، لأنه لو فرض أن أحد الكفار وجد اختلافا في شئ من القرآن لا يرتفع من طريق الدلالة اللفظية للآيات لم يقنع برفعه من طرق أخرى، كأن يقول النبي مثلا يرتفع بكذا وكذا، ذلك لأن هذا الكافر لا يعتقد بصدق النبي ونبوته وعصمته، فلم يتنازل لقوله ودعاواه.
وبعبارة أخرى: لا يكفي أن يكون النبي رافعا للاختلافات القرآنية بدون شاهد لفظي من نفس القرآن لمن

(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»