القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣
ونستخلص من البحث الذي مضى نتيجة أخرى، هي: أن تشريع الأحكام ووضع القوانين راجع إلى الله تعالى، وليس لأحد أن يشرع القوانين ويصنع المقررات غيره، لأننا عرفنا من البحث السابق أن الآداب والقوانين التي تفيد الانسان في حياته العملية هي المستوحاة من خلقته الطبيعية، ونعني بها القوانين والآداب التي تدعو إليها العلل والعوامل الداخلية والخارجية الكامنة في خلقته، وهذا يعني أن الله تعالى يريدها ومعنى أنه يريدها أنه أودع في الانسان العلل والعوامل التي تقتضي تلك القوانين والآداب.
نعم الإرادة تنقسم إلى قسمين: قسم منها تجبر على ايجاد الشئ كالحوادث الطبيعية التي تقع في كل يوم، وهي المسماة ب‍ الإرادة التكوينية، والقسم الآخر يقتضي ايجاد الشئ من طريق الاختيار لا الجبر كالأكل والشرب وأمثالهما، وهي المسماة ب‍ الإرادة التشريعية.
يقول تعالى: ﴿ان الحكم الا لله﴾ (1).
* * * وبعد وضوح هذه المقدمات يجب أن يعلم: ان القرآن الكريم مع رعايته للمقدمات الثلاث المذكورة - وهي أن للانسان هدفا يجب أن يصل اليه طول حياته بمساعيه وأعماله ولا يمكن الوصول إلى هدفه الا باتباع قوانين وآداب، ولابد

(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»