القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٠
الدين: ﴿الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا﴾ (1).
3 ان أحسن وأثبت الآداب التي يليق بالإنسان أن يتبعها هي الآداب التي توحيها اليه الفطرة السليمة، لا النابعة من العواطف والاندفاعات الفردية أو الاجتماعية.
ولو تأملنا في كل جزء من أجزاء الكون لنرى ان له هدفا خاصا وجهته من أول يوم خلقته تحقيق ذلك الهدف من أقرب الطرق وأحسنها، وهو يشتمل على ما لا بد منه لتحقيق هدفه من الوسائل والآلات. هذا شأن كل مخلوق في الكون ذي روح أم غير ذي روح.
مثلا حبة الحنطة من أول يوم توضع في بطن الأرض وتخرج منها الخضرة تسير في طريق التكامل لتكون لها سنابل تحمل حبات كثيرة من الحنطة، وهي مجهزة بوسائل خاصة تستفيد بواسطتها من العناصر التي لا بد من توفرها من أجزاء الأرض والهواء بنسب معلومة، وتعلو يوما فيوما وتتحول من شكل إلى آخر حتى يكون لها سنابل في كل سنبلة، حبات، وحينئذ تكون قد وصلت إلى هدفها المنشود وكمالها الذي كانت تهدف اليه.

(١) سورة الأعراف: ٤. وجه دلالة الآية الكريمة على ما قلناه أن جملة سبيل الله تطلق في عرف القرآن على الدين، والآية تدل على أن الكافرين - وحتى الذين ينكرون الله تعالى - يحرفون دين الله (دين الفطرة) فالآداب التي يتبعونها في حياتهم هي دينهم.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»