ولذا قال باقر العلوم (ع) هل يسمى عالما وقادرا الا لأنه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين وقال السلطان أبو الحسن الرضا (ع) قد علم أولو الألباب ان ما هنا لك لا يعلم الا بما ههنا فنقول قد تقرر في موضعه ان شاكلتنا فيما قصدنا فعله انا نتصوره أولا ثم نصدق بفايدته تصديقا ظنيا أو تخيليا أو علميا ان فيه صلاحا ومنفعة ومحمدة ومنقبة وبالجملة خير إما من الخيرات بالقياس إلى جوهر ذاتنا أو إلى قوة من قوانا فينبعث من ذلك شوق إليه فإذا اهتزت القوة الشوقية وتأكد الشوق وصار اجماعا حركت القوة المنبثة في العضلات وهنا لك يتحرك الأعصاب والأعضاء الأدوية فذلك الشوق المتأكد المنبعث من القوة الشوقية الحيوانية أو النطقية العملية هو الإرادة فينا وتلك القوة المنبثة هي القدرة وما قالوا من أن القدرة كيفية نفسانية إشارة منهم إلى سريان نور النفس إلى الأعصاب والعضلات والأوتار والرباطات وذلك التصديق بالفائدة هو الداعي وذلك التصور هو العلم فالعلم فينا شئ والداعي شئ اخر وكذا الإرادة شئ والقدرة شئ اخر فعلمنا واردنا وقدرنا وفعلنا فنحن نحتاج إلى هذه المبادى لكوننا فاعلين بالآلات وهي لا يتحرك الا بالشوق وشوقنا بفعلنا بسبب معرفتنا بوجه الخير العايد إلينا واما الواجب جل مجده حيث يتعالى عن أن يفعل بالة وعن ان يكون له شوق إلى ما سواه إذ هو موجود غير فقيد لكونه تاما وفوق التمام وعن ان يكون علمه انفعاليا فان علمه تعالى فعلى غير معلل بالاغراض الزايدة وهو غاية مراد المريدين ومنتهى طلب الطالبين فالداعي والإرادة والقدرة عين علمه العنائي وهو عين ذاته الله هو الغنى وأنتم الفقراء فيترتب على نفس ذاته ما يترتب على المبادى فينا فهو تعالى علم وشاء وأراد وقدر وقضى وامضى من جهة واحدة فكما فينا تترتب حركة القوة الشوقية على نفس تصورنا الشئ واعتقادنا انه نافع لنا من غير أن يتخلل بين التصور والاعتقاد وبين اهتزاز الشوق إرادة أخرى ففيه تعالى أيضا يترتب الإفاضة على نفس علمه بالشئ وانه خير في نفسه من دون توسط شوق وهمامة وقصد واهتزاز فلما كان الأول تعالى أجل مبتهج بذاته لكون ذاته المعلومة لذاته أجمل من كل جميل وأبهى من كل بهى وعلمه بغيره حضوري فضلا عن ذاته وهو أتم العلوم والعالم فوق كل ذي علم وأتمية الابتهاج دايرة مدار هذه الثلاثة ومبتهج باثاره بما هي اثاره لان من أحب شيئا أحب اثاره وإذ ليس شئ ينافيه وينافره لكون الكل مقهورة تحت فيضه وناشئته من قلمه الاعلى كان ذلك الابتهاج بذاته وبآثار ارادته الذاتية قال صدر المتألهين س الإرادة رفيق الوجود والوجود في كل شئ محبوب لذيذ فالزيادة عليه أيضا لذيذ فالكامل من جميع الوجوه محبوب لذاته ومريد لذاته بالذات ولما يتبع ذاته من الخيرات
(٤٢)