فان قلت فما وجه التطابق بين الميزان الروحاني والميزان الجسماني وأين في ميزان الآخرة العمود الواحد والكفتان وأين في موازين الآخرة ما يشبه القبان قلنا قد مر ان هذه المعارف التي هي سبب عروج النفس إلى معارج الملكوت مستفادة من أصلين فكل أصل كفة والحد المشترك بين الأصلين الداخل فيهما عمود واما ما يشبه القبان فهو ميزان التلازم إذ أحد طرفيه أطول والاخر اقصر انتهى اعلم أن هذه الموازين الخمسة مع الموازين الثلاثة عشر الشيطانية التي سنذكرها تصير ثمانية عشر بعدد الموجودات العالمية الكلية من العقل والنفس والأفلاك التسعة والأركان الأربعة والمواليد الثلاثة وبعدد اسم الحق فان صورة عدده الرقمية بحذف الصفر ثمانية عشر وفيه إشارة إلى أن ما يوزن بهذه الموازين معارف الحق ومعارف أفعاله من عوالمه والعجب أن عدد حروف الميزان أيضا ثمانية عشر بحذف الصفر من صورته الرقمية كما أن عدد إبليس مأة وثلاثة وصورته الرقمية بحذف الصفر ثلثة عشر وهو عدد موازينه وهذا العدد يعد منحوسا وإذا عدلت منه إلى موازين العدل التي هي بالحقيقة واحد كما هو شأن أهل التوحيد صار العدد أربعة عشر بعدد الأئمة المعصومين الذين هم الموازين المنصوبة لنا وبعدد العدل الذي هو اسم الحق تعالى وصفته أعني مائة وأربعة بحذف الصفر كما مر واما بيان موازين الشيطان فنقول القياس إما ان يفيد التخيل وهو الشعر أو يفيد التصديق فاما ان يكون غير جازم وهو الخطابة أو يكون جازما فاما ان يعتبر كونه حقا أولا فان اعتبر كونه حقا فاما ان يكون حقا فهو البرهان وان لم يكن حقا فهو السفسطة وان لم يعتبر كونه حقا بل يعتبر فيه عموم الاعتراف فاما ان يكون كذلك فهو الجدل أولا يكون كذلك فهو الشعب والسفسطة مع الشغب تحت المغالطة فالمغالطة قياس يفسد صورته أو مادته أو هما جميعا والآتي به غالط في نفسه مغالط لغيره ولولا القصور وهو عدم التميز بين ما هو هو وبين ما هو غيره لماتم للمغالطة صناعة فهى صناعة كاذبة ينفع بالعرض بان صاحبها لا يغلط ولا يغالط ويقدر ان يغالط المغالط وان يمتحن بها أو يعاند وكما أن من الأمور ما هو حق وما هو مشبه كالانسان منه ما هو انسان حقيقي ومنه ما هو شبح للانسان غير حقيقي ومن الجمادات ما هو فضة أو ذهب بالحقيقة ومنها ما هو مفضض مغشوش أو ملون مصبوغ من غير حقيقة أصلا كذلك يكون من المسمى بالحكيم من هو هو مبرهن بالحقيقة ومنه من هو مزور مموه ويكون من القياس ما هو حق موجود ومنه ما هو تبكيت
(١٥٦)