التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٢
مع قريش إلى بدر وهم على الشك والارتياب والنفاق منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكهة، والحارث بن ربيعة. وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن المنبه، فلما نظروا إلى قلة أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة فأنزل الله على رسوله (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم).
وجاء إبليس عليه اللعنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: أنا جار لكم ادفعوا إلي رايتكم فدفعوها إليه، وجاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويخيل إليهم ويفزعهم، وأقبلت قريش يقدمها إبليس مع الراية فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: غضوا أبصاركم، وعضوا على النواجذ، ولا تسلوا سيفا حتى آذن لكم، ثم رفع يديه إلى السماء فقال: يا رب إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، وإن شئت أن لا تعبد، لا تعبد، ثم أصابه الغشي فسرى (1) عنه وهو يسلت العرق عن وجهه وهو يقول: هذا جبرئيل قد أتيكم في ألف من الملائكة مردفين.
قال: فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لايح قد وقعت على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقائل يقول: إقدم حيزوم، (2) قدم حيزوم وسمعنا قعقعة السلاح من الجو ونظر إبليس إلى جبرئيل فتراجع ورمى باللواء فأخذ منبه بن الحجاج بمجامع ثوبه، ثم قال: ويلك يا سراقة تفت (3) في أعضاد الناس فركله (4) إبليس ركلة في صدره، وقال: (إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله) وهو قول الله: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف

1 - سرى عنه انكشف ويسلت العرق أي يمسحه ويميطه (منه رحمه الله).
2 - وحيزوم اسم فرس كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وفي التفسير اسم جبرئيل أراد أقدم يا حيزوم على الحذف وفي ص حيزوم فرس من خيل الملائكة.
3 - أي تورد الضعف والانكسار فيهم وتذهب بقوتهم وشوكتهم.
4 - الركل ضربك الفرس برجلك ليعدو والضرب برجل واحدة.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست