قال: فقال الله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به) يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم، قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله تعالى غدوا (1) لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا! قالوا: وما ترى؟ قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون، لها أذناب، فكسروا الباب ودخلوا المدينة، قال: فعرفت القردة أنسابها من الأنس، ولم يعرف الأنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟
قال: فقال علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة أني لأعرف أنسابهم من هذه الأمة لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد قال الله: (فبعدا للقوم الظالمين) فقال الله: (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون).
وفي الكافي: عن الصادق عليه السلام في هذه الآية: كانوا ثلاثة أصناف صنف إئتمروا وأمروا: فنجوا، وصنف إئتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا. والعياشي: عن الباقر عليه السلام ما في معناه.
وفي المجمع: عن الصادق عليه السلام هلكت الفرقتان، ونجت الفرقة الثالثة.
(167) وإذ تأذن ربك: تفعل، من الإيذان بمعنى الأعلام والعزم، والأقسام معناه واذكر إذا علم أو عزم ربك وأقسم. ليبعثن عليهم: ليسلطن على اليهود. إلى يوم القيامة من يسومهم: يكلفهم. سوء العذاب: شدته بالقتل والأذلال، وضرب الجزية. قيل: بعث الله عليهم من بعد سليمان بخت نصر فخرب ديارهم، وقتل مقاتليهم، وسبى نساءهم