الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٨٤
التطرية على فائدة الجمع لهم بين صفتي المسكنة والفقر، ثم تليت صفاتهم على أثر ذلك وهى إخراجهم من ديارهم وأموالهم مهاجرين، وابتغاؤهم الفضل والرضوان من الله ونصرهم لله ورسوله وصدقهم في نياتهم إلى آخر ذلك، فهذا هو الذي يرشد إليه السياق مؤيدا بالأصل، فإن ذوي القربى ذكروا بصفة الإطلاق، فالأصل بقاؤهم على ذلك حتى يتحقق أنهم مرا دون التقييد وما ذكرناه من صرف ذلك إلى المساكين يكفي في إقامة وزن الكلام فيبقى ذوو القربى على أصل الإطلاق، وتلك قاعدة لا يسع الحنفية مدافعتها، فإنهم يرون الاستثناء المتعقب للجمل يختص بالجملة الأخيرة، لأن عوده إليها يقيم وزن الكلام ويبقى ما تقدمهن على الأصل، ولا فرق بين التعقيب بالاستثناء والبدل وكل ما سوى هذا، مع أنه لو جعل بدلا من ذوي القربى مع ما بعده لم يكن إبداله من ذوي القربى إلا بدل بعض من كل، فإن ذوي القربى منقسمون إلى فقراء وأغنياء، ولم يكن إبداله من المساكين إلا بدلا للشئ من الشئ وهما لعين واحدة، فيلزم أن يكون هذا البدل محسوسا بالنوعين المذكورين في حالة واحدة، وذلك متعذر لما بين النوعين من الاختلاف والتباين، وكل منهما يتقاضى ما يأباه الآخر فهذا القدر كاف إن شاء الله تعالى، وعليه أعرب الزجاج الآية فجعله بدلا من المساكين خاصة، والله تعالى الموفق للصواب.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 79 80 81 83 84 86 87 88 90 92 ... » »»