قوله تعالى (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناهم عليهم) الآية. قال فيه (الرهبانية الفعلة المنسوبة للرهبان الخ) قال أحمد: وفيه إشكال فإن النسب إلى الجمع على صيغته غير مقبول عندهم حتى يرد إلى مفرده، إلا أن يقال: إنه لما صار الرهبان طائفة مخصوصة صار هذا الاسم وإن كان جمعا كالعلم لهم فلحق بأنصاري ومدائني وأعرابي. عاد كلامه، قال (وهى منصوبة بفعل مضمر الخ) قال أحمد: في إعراب هذه الآية تورط أبو علي الفارسي وتحيز إلى فئة الفتنة وطائفة البدعة، فأعرب رهبانية على أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره الظاهر، وعلل امتناع العطف فقال: ألا ترى أن الرهبانية لا يستقيم حملها على جعلنا مع وصفها بقوله ابتدعوها لأن ما يجعله هو تعالى لا يبتدعونه هم، والزمخشري ورد أيضا مورده الذميم وأسلمه شيطانه الرجيم؟
فلما أجاز ما منعه أبو علي من جعلها معطوفة أعذر لذلك بتحريف الجعل إلى التوفيق فرارا مما فر منه أبو علي من اعتقاد أن ذلك مخلوق لله تعالى وجنوحا إلى الإشراك واعتقاد أن ما يفعلونه هم لا يفعله الله تعالى ولا يخلقه، وكفى بما في هذه الآية دليلا بعد الأدلة القطعية والبراهين العقلية على بطلان ما اعتقداه، فإنه ذكر محل الرحمة والرأفة مع العلم بأن محلها القلب، فجعل قوله في قلوب الذين اتبعوه تأكيدا لخلقه هذه المعاني وتصويرا لمعنى الخلق بذكر محله، ولو كان المراد أمرا غير مخلوق في قلوبهم لله تعالى كما زعما لم يبق لقوله في قلوب الذين اتبعوه موقع، ويأبى