الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٧٢
نوع من التحكم، وله أن يقول: اتفقنا على التسوية فيه فتعين صرفه إلى الآخر، هذا منتهى النظر مع أبي حنيفة.
ورأى القائلون بأن الطعام يبطل بتخلل الوطء في أثنائه كالصيام أن فائدة ذكره عدم المماسة ثم إسقاطه التنبية على التسوية بين التكفير قبل وبعد، وتقريره أن ذكره مع الاثنين كذكره مع الثالث، وإطلاق الثالث كإطلاق الاثنين فكأنه قال في الجميع: من قبل أن يتماسا ومن بعد، وانطوى إيراد الآية على هذا الوجه على إبطال قول من قال:
إن الأمر يختلف بين ما قبل التماس وما بعده، فيجب قبل ويسقط بعد. وعلى قول من قال: يجب قبل كفارة وبعد كفارتان. وههنا نظر آخر في أنه لم ذكر عدم التماس مع نوعين منهما، وقد كان ذكره مع واحد منها مفيدا لهذه الفائدة على التقرير المذكور. والجواب عنه أن ذكره مع العتق مقتصر على إفادة تحريم الوطء قبل العتق، ولا يتصور في العتق الوطء في أثنائه، إذ لا يتبعض ولا يتفرق فاحتيج إلى ذكره مع الصيام الواقع على التوالي ليفيد تحريم الوطء قبل الشروع فيه وبعد الشروع إلى التمام، إذ لو لم يذكره هنا لتوهم أن الوطء إنما يحرم قبل الشروع خاصة لا بعد لأنها هي الحالة التي دل عليها التقييد في العتق، فلما ذكره مع الصيام الواقع متواليا استغنى عن ذكره مع الطعام لأنه مثله في التعدد والتوالي وإمكان الوطء في خلاله، وهذا التقرير منزل على أن العتق لا يتجزأ ولا يتبعض وهذا هو المرضى. وقد نقل العيني عن ابن القاسم أن من أعتق شقصا من عبد يملك جميعه ثم أعتق بقيته عن الظهار أن ذلك يجزيه، وهو خلاف أصله في المدونة، وعابه عليه أصبغ وسحنون وابنه.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 79 ... » »»