الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٩
فحوى الآية. على أنه لم يذكر وجها في الرد على من قال إن الضمير لله تعالى، وإنما اقتصر على الدعوى مقرونة بسفاهته على أهل السنة فنقول: لا مراء في احتمال عود الضمير إلى الله تعالى وإلى ذي النفس، لكن عوده إلى الله تعالى أولى لوجهين: أحدهما أن الجمل سيقت سياقة واحدة من قوله - والسماء وما بناها - وهلم جرا، والضمائر فيما تقدم هذين الفعلين عائدة إلى الله تعالى بالاتفاق ولم يجر لغير الله تعالى ذكر، وإن قيل بعود الضمير إلى غيره فإنما يتمحل لجوازه بدلالة الكلام ضمنا واستلزاما لا ذكرا ونطقا، وما جرى ذكره أولى أن يعود الضمير عليه. الثاني أن الفعل المستعمل في الآية التي استدل بها في قوله - قد أفلح من تزكى - تفعل، ولا شك أن تفعل مطاوع فعل فهذا بأن يدل لنا أولى من أن يدل له، لأن الكلام عندنا نحن قد أفلح من زكاه الله فتزكى، وعنده الفاعل في الاثنين واحد أضاف إليه الفعلين المختلفين، ويحتاج في تصحيح الكلام إلى تعديد اعتبار وجهه ونحن عنه في غنية، على أنا لا نأبى أن تضاف التزكية والتدسية إلى العبد على طريقة أنه الفاعل كما يضاف إليه الصلاة والصيام وغير ذلك من أفعال الطاعات، لأن له عندنا اختيارا وقدرة مقارنة، وإن منعنا البرهان العقلي الدال على وحدانية الله تعالى ونفي الشريك أن نجعل قدرة العبد مؤثرة خالقة، فهذا جوابنا على الآية تنزلا، وإلا فلم يذكر وجها من الرد فيلزمنا الجواب عنه. وأما جوابنا عن سفاهته على أهل السنة فالسكوت، والله الموفق.
عاد كلامه، قال: وجواب القسم محذوف تقديره ليدمدمن عليهم: أي على أهل مكة إلخ.
(٢٥٩)
مفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»