الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٢٦٢
والجواب فهو يلاحظ نظر الشافعي رحمه الله في قوله تعالى - قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه - فإنه لم يقل بمفهوم حصرها وحملها على أن الحصر لفائدة المقابلة بالرد لأحكام الجاهلية لا لنفي ما عدا المحصور، على أن الزمخشري إنما ضيق عليه الخناق في هذه الآية حتى التزم ورود السؤال المذكور التفاته إلى قاعدته الفاسدة، وحذره أن تنقض ويأبى الله إلا نقضها ورفضها، وإذا نزلت الآية على قواعد السنة وضح لك ما قلته فنقول: المصلي في اللغة أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه بين أطباقه، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على التنور فليس بمصلي، وهذا التفسير بعينه نص عليه الزمخشري ونقله عن أهل اللغة في سورة الغاشية أيضا، وأنا وقفت عليه في كتبهم. فإذا عرفت معنى التصلية لغة وأنها أشد أنواع الإحراق بالنار، وفي علمك أن الناس عند أهل السنة ثلاثة أصناف: مؤمن صالح فائز، ومؤمن عاص، وكافر، وأن المؤمن الفائز يمر على النار فيطفئ نوره لهبها ولا يؤلم بمسها البتة وإنما يردها تحلة القسم، والعاصي إن شاء الله تعذيبه ومجازاته فإنما يعذب على وجه النار في الطبقة الأولى باتفاق، حتى إن منهم من تبلغ النار إلى كعبه، وأشدهم من تبلغ النار إلى موضع سجوده فيحسه، ولا يعذب أحد من المؤمنين بين أطباقها البتة بوعد الله تعالى، والكافر هو المعذب بين أطباقها، تبين
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 266 268 269 ... » »»