قال أحمد: إن المصر على هذا المعتقد على قلبه رين أو في مران عقله غين: أليس يدعى أو يدعى له أنه الخريت في مغائر العبارات وبديع الزمان في صناعة البديع، فكيف نبا عن جادة الإجادة فهما، وأعار منادى الحذاقة أذنا صما، اللهم إلا أن يكون الهوى إذا تمكن أرى الباطل حقا وغطى سنى مكشوف العبارة فسحقا سحقا، أليس مقتضى العربية فضلا عن القوانين العقلية أن المشروط مرتب على الشرط لا يتصور وجود المشروط قبل الشرط عقلا، ولا مضيه واستقبال الشرط لغة وعقلا، واستقر باتفاق الفريقين أهل السنة وشيعة البدعة أن إرادة الله تعالى لشكر عباده مثلا مقدمة على وجود الشكر منهم، فحينئذ كيف ساغ حمل الرضا على الإرادة وقد جعل في الآية مشروطا وجزاء، وجعل وقوع الشكر شرطا ومجزيا واللازم من ذلك عقلا تقدم المراد وهو الشكر على الإرادة وهى الرضا، ولغة تقدم المشروط على الشرط، والزمخشري أخص من قال: إن المشروط متى كان ماضيا محضا لزمته الفاء وقد كقولك: إن تكرمني فقد أكرمتك قبل، وقد عريت الآية عن الحرفين المذكورين، على أنه لابد من تأويل يصحح الشرطية من ذلك، فإذا ثبت بطلان حمل الرضا على الإرادة عقلا ونقلا تعين التماس المحمل الصحيح له، وهو المجازاة على الشكر بما عهد أن يجازى به المرضى عنه من الثواب والكرامة، فيكون معنى الآية والله أعلم: وإن تشكروا يجازكم على شكركم جزاء المرضى عنه، ولا شك أن المجازاة مستقبلة بالنسبة إلى الشكر
(٣٨٩)