الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٥٧٢
قوله تعالى (أهذا الذي يذكر آلهتكم) قال (فيه الذكر يكون بخير وبخلافه، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد، فإن كان الذاكر صديقا فهم منه الخير وإن كان عدوا فهم منه الذم الخ) قال أحمد: وكذلك القول ومنه قول موسى عليه السلام - أتقولون للحق ما جاءكم - معناه: أتعيبون الحق لما جاءكم، ثم ابتدأ فقال: أسحر هذا، وإنما لم يجعله معمولا للقول ومحكيا به لأنهم قفوا القول بأنه سحر فقالوا - إن هذا لسحر مبين - ولم يشككوا أنفسهم ولا استفهموا، وقد مضى فيه غير هذا، وإنما أطلقوا في قولهم " أهذا الذي يذكر آلهتكم " ولم يقولوا أهذا الذي يذكر آلهتكم بكل سوء لأنهم استفظعوا حكاية ما يقوله النبي من القدح في آلهتهم رميا بأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، وحاشوها من نقل ذمها مفصلا، فأوموا إليه بالإشارة المذكورة كما يتحاشى المؤمن من حكاية كلمة الكفر فيومى إليها بلفظ يفهم المقصود بطريق التعريض، فسبحان من أضلهم حتى تأدبوا مع الأوثان وأساءوا الأدب على الرحمن.
(٥٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 567 568 569 570 571 572 580 582 583 585 587 » »»