قال أحمد: فيكون المنكر عليهم صريح الدعوى ولازمها وهو أبلغ في الإنكار، والله سبحانه وتعالى أعلم. عاد كلامه، قال (إن قلت: لا بد لقوله هم من فائدة وإلا فالكلام مستقل بدونها الخ) قال أحمد: وفى هذه النكتة نظر لأن آلات الحصر مفقودة، وليس ذلك من قبيل صديقي زيد، فإن المبتدأ في الآية أخص شئ لأنه ضمير، وأيضا فلا ينبنى على ذلك إلزامهم حصر الألوهية فيهم وتخصيص الإنشار بهم ونفيه عن الله تعالى، إذ هذا لا يناسب السياق، فإنه قال عقبها: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، ومعناه: لو كان فيهما إله غير الله شريكا لله لفسدتا وكان مقتضى ما قال الزمخشري أن يقال: لو لم يكن فيهما آلهة إلا الأصنام لفسدتا، وأما والمتلو على خلاف ذلك فلا وجه لما قال الزمخشري. وعندي أن يحتمل والله أعلم أن تكون فائدة قوله هم الإيذان بأنهم لم يدعوا لها الإنشار، وأن قوله هم ينشرون استئناف إلزام لهم وكأنه قال: اتخذوا آلهة مع الله عز وجل فهم إذن يحيون الموتى ضرورة كونهم آلهة، ثم لما انتظم من دعواهم الألوهية للأصنام وإلزامهم على ذلك أن يصفوهم بالقدرة الكاملة على إحياء الموتى نظم في إبطال هذه الدعوى وما ألزمهم عليها دليل قوله تعالى - لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا -. وأزيد هذا التقرير وضوحا. فأقول: إن دليل التمانع المغترف من بحر هذه الآية المقتبس من نورها يورده المتكلمون على صورة التقسيم فيقولون: لو وجد مع الله إله آخر، وربما قالوا: لو فرضنا وجود إلهين فإما أن يكونا جميعا موصوفين بصفات الكمال اللاتي يندرج فيها القدرة على إحياء الموتى وإنشارهم وغير ذلك من الممكنات، أو لا يتصف بها واحد منهما أو أحدهما دون الآخر، ثم يحيلون جميع الأقسام وهو المسمى برهان الخلف وأدق الأجسام
(٥٦٧)