الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
تقتضى ذلك، فلا يستغنى الحكيم على زعمهم عن خلق الحسن على وفق الحكمة، بخلاف القبيح فإن الحكمة تقتضى الاستغناء عنه، فإلى ذلك يلوح الزمخشري، وما هي إلا نزغة سبق إليها صلال الفلاسفة، ومن ثم يقولون ليس في الإمكان أكمل من هذا العالم: لأنه لو كان في القدرة أكمل منه وأحسن ثم لم يخلقه الله تعالى لكان بخلا ينافي الجود أو عجزا ينافي القدرة حتى اتبعهم في ذلك من لا نسميه من أهل الملة، عفا الله عنه إن كان هذا مما يدخل تحت ذيل العفو، فالحق أن الله تعالى مستغن عن جميع الأفعال حسنة كانت أو غيرها مصلحة كانت أو مفسدة، وأن له أن لا يخلق ما يتوهمه القدرية حسنا، وله أن يفعل ما يتوهمونه في الشاهد قبيحا، وأن كل موجود من فاعل وفعل على الإطلاق فبقدرته وجد، فليس في الوجود إلا الله وصفاته وأفعاله، وهو مستغن عن العالم بأسره وحسنه وقبحه " فلو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكه شيئا، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم على أفجر قلب رجل منكم لم ينقص ذلك من ملكه شيئا ". اللهم ألهمنا الحق واستعملنا به. عاد كلامه، قال (وفى قوله تعالى - بل نقذف بالحق على الباطل - استعارة حسنة استعار القذف الخ) قال أحمد:
ومثل هذا التنبيه من حسناته، ولولا أن السيئة التي قبلها تتعلق بالعقيدة لتلوت - إن الحسنات يذهبن السيئات - والله أعلم.
قوله تعالى (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون) قال (فيه إن قلت: لم استعمل الاستحسار ههنا في النفي الخ) قال أحمد: وبمثله أجيب عن قوله تعالى - وما ربك بظلام للعبيد - فانظره.
قوله تعالى (أم اتخذوه آلهة من الأرض هم ينشرون) قال (إن قلت كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة الخ؟).
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 560 561 563 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»