قوله تعالى (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) قال (هذا النهى راجع إلى نهى المسلمين من تمكينهم منه) قال أحمد: وقد يستدل به من يقول إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وخصوصا بالمناهى، فإن ظاهر الآية توجه النهى إلى المشركين إلا أنه بعيد، لأن المعلوم من المشركين أنهم لا ينزجرون بهذا النهى، والمقصود تطهير المسجد الحرام بإبعادهم عنه، فال يحصل هذا المقصود إلا بنهى المسلمين عن تمكينهم من قربانه، ويرشد إلى أن المخاطب في الحقيقة المسلمون تصدير الكلام بخطابهم في قوله - يا أيها الذين آمنوا - وتضمينه نصا بخطابهم بقوله - وإن خفتم عيلة - وكثيرا ما يتوجه النهى على من المراد خلافه وعلى ما المراد خلافه إذا كانت ثم ملازمة كقوله: لا أرينك ههنا - ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون - والله أعلم.
(١٨٣)