الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
مرساها - ثم اعترض ذكر الجواب المضمن في قوله - قل إنما علمها عند ربي - إلى قوله " بغتة " أريد تتميم سؤالهم عنها بوجه من الإنكار عليهم وهو المضمن في قوله - كأنك حفي عنها - وهو شديد التعلق بالسؤال، وقد بعد عهده فطرى ذكره تطرية عامة، ولا نراه أبدا يطرى إلا بنوع من الإجمال كالتذكرة للأول مستغنى عن تفصيله بما تقدم فمن ثم قيل يسألونك، ولم يذكر المسؤول عنه وهو الساعة اكتفاء بما تقدم، فلما كرر السؤال لهذه الفائدة كرر الجواب أيضا مجملا فقال - قل إنما علمها عند الله - ويلاحظ هذا في تلخيص الكلام بعد بسطه، ومن أدق ما وقفت عليه للعرب في هذا النمط من التكرير لأجل بعد العهد تطرية للذكر قوله:
عجل لنا هذا وألحقنا بذا ال‍ * شحم إنا قد مللناه بجل أي فقط، فذكر الألف واللام خاتمة للأول منا لرجزين، ثم لما استفتح الرجز الثاني استبعد العهد بالأولى فطرى ذكرها وأبقى الأولى في مكانها، ومن ثم استدل ابن جني على أن ما كان من الرجز على ثلاثة أجزاء فهو بيت كامل وليس بنصف كما ذهب إليه أبو الحسن، قال: ولو كان بيتا واحدا لم يكن عهد الأولى متباعدا فلم يكن محتاجا إلى تكريرها، ألا ترى أن عبيدا لما جاء بقصيدة طويلة الأبيات وجعل آخر المصراع الأول أل لم يعدها أول المصراع الثاني لأنها بيت واحد فلم ير عهدها بعيدا وذلك قوله:
يا خليلي أربعا واستخبرا ال‍ * منزل الدارس عن أهل حلال مثل سحق البرد عفى بعدك ال‍ * قطر مغناه وتأويب الشمال
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 129 130 132 134 135 136 137 140 142 143 ... » »»