الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١٥١
قوله تعالى (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) قال (يعنى ولو علم الله أن اللطف ينفع في هؤلاء) قال أحمد رحمه الله: إطلاق القول بأن الله تعالى يلطف بالعبد فلا ينفع لطفه مردود، فإن اللطف هو إسداء الجميل الخ. والإلطاف به واسمه اللطيف من ذلك، فإذا أسدى الجميل إلى العبد بأن أسمعه إسماع لطيف به فتلك الغاية المرجوة، ومعنى اللطف به على هذا أن يخلق في قلبه قبول الحق وحسن الإصغاء إليه والاهتداء به، ولكن لا يتم ذلك على عقيدة الاعتزال والرأي الفاسد في خلق الأفعال، لأن مقتضاها أن العبد هو الذي يخلق لنفسه قبول الحق والهداية وحسن الاستماع والإصغاء، وأن الله تعالى لا يشارك العبد في خلق ذلك، بل الذي ينسب إلى الله تعالى إرادة الهداية من جميع الخلق، ولا يلزم حصول مراده على العموم، تعالى الله عما يقولون ثم، ولو تنزل متنزل على هذه القاعدة لما استقام تأويل الزمخشري أيضا، فإن - ولو علم الله فيهم خيرا - حاصله اللطف بهم، ولو لطف بهم لما انتفعوا باللطف، فيلزم عدم انتفاعهم باللطف على تقدير علم الله الخير فيهم، وهذا غير مستقيم لما يلزم عليه من وقوع خلاف المعلوم لله تعالى وذلك محال عقلا، فلا يرتفع الإشكال إلا بتقدير
(١٥١)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 146 147 149 150 151 152 158 159 160 161 ... » »»