الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٦٦
قال (فإن قلت: كيف خص الصالحون بأنهم لا يظلمون وغيرهم مثلهم في ذلك). قلت فيه وجهان: أحدهما أن يكون الراجع في (ولا يظلمون) لعمال السوء وعمال الصالحات جميعا. والثاني أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دالا على ذكره عند الآخر، لان كلا الفريقين مجزيون بأعمالهم لا تفاوت بينهم، ولان ظلم المسئ أن يزاد في عقابه، وأرحم الراحمين معلوم أنه لا يزيد في عقاب المجرم، فكان ذكره مستغنى عنه. وأما المحسن فله ثواب وتوابع للثواب من فضل الله هي في حكم الثواب، فجاز أن ينقص من الفضل لأنه ليس بواجب، وكان نفي الظلم دلالة على أنه لا يقع نقصان في الفضل انتهى كلامه. قلت: مدار هذا التطويل بالسؤال والجواب على بث المعتقد الفاسد في أن الله تعالى يجب عليه أن يثيب على الطاعات، وأن الثواب منقسم إلى واجب ليس بفضل، والى زيادة على الواجب وهي الفضل خاصة، وهذا المعتقد هو الذي يصدق عليه أن الشيطان مناه للقدرية حتى زعموا أن لهم على الله واجبا، تعالى الله عن ذلك، إن الله لغني عن عمل يوجب عليه حقا جل الله وعز، لقد نفخ الشيطان بهذه الأمنية في آذان القدرية. اللهم لا عمدة لنا إلا فضلك فأجزل نصيبنا منه يا كريم.
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 564 565 566 571 572 573 574 575 ... » »»