الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٨٣
قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) الآية. قال محمود رحمه الله (كرر ولو شاء الله للتأكيد) قال أحمد رحمه الله: ووراء التأكيد سر أخص منه وهو أن العرب متى بنت أول كلامها على مقصد ثم اعترضها مقصد آخر وأرادت الرجوع إلى الأول قصدت ذكره إما بتلك العبارة أو بقريب منها وذلك عندهم مهيع من الفصاحة مسلوك وطريق معتد، وكان جدي لامى أبو العباس أحمد بن فارس الفقيه الوزير يعد في كتاب الله تعالى مواضع في هذا المعنى: منها قوله تعالى - من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا - ومنها قوله تعالى ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم - إلى قوله - لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم - وهذه الآية من هذا النمط ما صدر الكلام بأن اقتتالهم كان على وفق المشيئة ثم طال الكلام وأريد بيان أن مشيئة الله تعالى كما نفذت في هذا الامر الخاص وهو اقتتال هؤلاء فهي نافذة في كل واقع. وهو المعنى المعبر عنه في قوله - ولكن الله يفعل ما يريد - طرأ ذكر تعلق المشيئة بالاقتتال لتلوه عموم تعلق المشيئة لتناسب الكلام وتعرف كل بشكله، فهذا سر ينشرح لبيانه الصدر ويرتاح السر والله الموفق. وأي قدم يثبت للاعتزال قبالة هذا لأنه الدائرة القاطعة لدابره الكافلة بالرد على منتحله وناصره ولذلك جوزها الزمخشري لاعتياضها على تأويله واعتصامها بالنصوصية من حيله وتحيله.
(٣٨٣)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»