خصائص الوحي المبين - الحافظ ابن البطريق - الصفحة ٢٥
من عمره يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة، وتوج بالنبوة.
إن أبرز الحوادث في حياة الإمام علي - عليه السلام - هو تكوين الشخصية العلوية، وتحقق الضلع الثاني من المثلث الذي أسلفناه بواسطة النبي الأكرم وفي ظل ما أعطاه صلى الله عليه وآله وسلم لعلي - عليه السلام - من أخلاق وأفكار، لان هذا القسم في حياة كل انسان وهذه الفترة من عمره هي من اللحظات الخطيرة، والقيمة جدا، فشخصية الطفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقية تقبل كل لون وهي مستعدة لان ينطبع عليها كل صورة مهما كانت، وهذه الفترة من العمر تعتبر - بالتالي - خير فرصة لان ينمي المربون والمعلمون فيها كلما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيبة وصفات كريمة، وفضائل أخلاقية نبيلة، ويوقفوا الطفل - عن طريق التربية - على القيم الأخلاقية والقواعد الانسانية وطريقة الحياة السعيدة، وتحقيقا لهذا الهدف السامي تولى النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تربية علي - عليه السلام - بعد ولادته، وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها علي - عليه السلام - إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلقيت من رسول الله حبا شديدا لعلي حتى أنه قال لها:
اجعلي مهده بقرب فراشي وكان صلى الله عليه وآله وسلم يطهر عليا في وقت غسله، ويوجر اللبن عند شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويلاحظه ويقول: هذا أخي، ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي، وصهري، ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي (1).
ولقد كانت الغاية من هذه العناية هي أن يتم توفير الضلع الثاني في مثلث الشخصية (وهو التربية) بواسطته صلى الله عليه وآله وسلم، وأن لا يكون لاحد غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل في تكوين الشخصية العلوية الكريمة.
وقد ذكر الإمام علي - عليه السلام - ما أسداه الرسول الكريم إليه وما قام به تجاهه في تلكم الفترة إذ قال: " وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره، ويكنفني

(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست