الوسواس الخناس (٤) الذي يوسوس في صدور الناس (٥) من الجنة والناس (٦)) (برب الناس) بخالقهم ومنشئهم ومدبرهم. (ملك الناس) سيدهم والقادر عليهم. (إله الناس) معبودهم الذي تحق العبادة له دون غيره. و (ملك الناس) و (اله الناس) كلاهما عطف بيان ل (رب الناس)، بين ب (- ملك الناس) ثم زيد بيانا ب (- إله الناس) لأنه قد يقال لغيره " رب الناس "، ألا ترى إلى قوله:
﴿اتخذوا أحبارهم ورهبنهم أربابا من دون الله﴾ (1)، وقد يقال: " ملك الناس "، فأما: " إله الناس " فخاص لا شركة فيه، فلذلك جعل غاية للبيان، وإنما أضيف " رب " إلى " الناس " خاصة لأن الاستعاذة إنما وقعت (من شر) الموسوس (في صدور الناس) فكأنه قال: أعوذ من شر الموسوس في صدور الناس، بربهم الذي يملك عليهم أمورهم، وهو إلههم ومعبودهم. وإنما أظهر المضاف إليه الذي هو (الناس) في الجميع، لأن عطف البيان إنما هو للكشف والبيان، فكان مظنة للإظهار دون الإضمار، وقيل: إن المراد بالناس الأول: الأجنة، ولذلك قال: (برب الناس) لأنه يربيهم، والمراد بالثاني: الأطفال، ولذلك قال: (ملك الناس) لأنه يملكهم، والمراد بالثالث: البالغون المكلفون، ولذلك قال: (إله الناس) لأنهم يعبدونه (2).
(من شر الوسواس) هو اسم بمعنى الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة، وأما المصدر فوسواس - بالكسر - كزلزال، والمراد به الشيطان، سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها صنعته وشغله الذي هو عاكف عليه، أو: أريد: ذو الوسواس.