أقسم سبحانه بوقت (الضحى) وهو صدر النهار، وقيل: أريد بالضحى النهار كله (١) كقوله: ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ (٢) في مقابلة قوله: ﴿بياتا﴾ (٣)، (سجى) أي: سكن وركد ظلامه، وليلة ساجية: ساكنة الريح، وقيل: معناه: سكون الناس والأصوات فيه (٤). (ما ودعك) جواب القسم، أي: ما قطعك قطع المودع، والتوديع مبالغة في الودع وهو الترك، لأن من ودعك فقد بالغ في تركك.
وروي: أن الوحي قد احتبس عنه أياما، فقال المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت (٥).
وحذف الضمير من (قلى) كما حذف من ﴿الذاكرت﴾ (٦)، ونحوه:
(فآوى)، (فهدى)، (فأغنى) وهو اختصار لفظي لأن المحذوف معلوم.
(وللاخرة خير لك من الاولى) وجه اتصاله بما قبله: أنه لما كان في ضمن نفي التوديع والقلى أن الله مواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله، أخبره سبحانه أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل، وهو السبق والتقدم على جميع الرسل والأنبياء، وإعلاء المرتبة، وإعطاء الشفاعة والحوض وأنواع الكرامة.
وعن ابن الحنفية أنه قال: يا أهل العراق، تزعمون أن أرجى آية في كتاب الله عز وجل: ﴿قل يعبادى الذين أسرفوا...﴾ (7) الآية، وإنا أهل البيت نقول:
أرجى آية في كتاب الله: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهي والله الشفاعة، ليعطينها في أهل لا إله إلا الله حتى يقول: رب رضيت (8).