تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٠٠
أقسم سبحانه بوقت (الضحى) وهو صدر النهار، وقيل: أريد بالضحى النهار كله (١) كقوله: ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ (٢) في مقابلة قوله: ﴿بياتا﴾ (٣)، (سجى) أي: سكن وركد ظلامه، وليلة ساجية: ساكنة الريح، وقيل: معناه: سكون الناس والأصوات فيه (٤). (ما ودعك) جواب القسم، أي: ما قطعك قطع المودع، والتوديع مبالغة في الودع وهو الترك، لأن من ودعك فقد بالغ في تركك.
وروي: أن الوحي قد احتبس عنه أياما، فقال المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت (٥).
وحذف الضمير من (قلى) كما حذف من ﴿الذاكرت﴾ (٦)، ونحوه:
(فآوى)، (فهدى)، (فأغنى) وهو اختصار لفظي لأن المحذوف معلوم.
(وللاخرة خير لك من الاولى) وجه اتصاله بما قبله: أنه لما كان في ضمن نفي التوديع والقلى أن الله مواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله، أخبره سبحانه أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل، وهو السبق والتقدم على جميع الرسل والأنبياء، وإعلاء المرتبة، وإعطاء الشفاعة والحوض وأنواع الكرامة.
وعن ابن الحنفية أنه قال: يا أهل العراق، تزعمون أن أرجى آية في كتاب الله عز وجل: ﴿قل يعبادى الذين أسرفوا...﴾ (7) الآية، وإنا أهل البيت نقول:
أرجى آية في كتاب الله: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وهي والله الشفاعة، ليعطينها في أهل لا إله إلا الله حتى يقول: رب رضيت (8).

(١) قاله قتادة. راجع تفسير الطبري: ج ١٢ ص ٥٩٩.
(٢) الأعراف: ٩٨.
(٣) الأعراف: ٩٧.
(٤) قاله مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج ١٢ ص ٦٢٢.
(٥) رواه الطبري في تفسيره: ج ١٢ ص ٦٢٣ عن ابن عباس.
(٦) الأحزاب: ٣٥.
(٧) الزمر: ٥٣.
(8) رواه القرطبي في تفسيره: ج 20 ص 96 عن علي (عليه السلام). وفي الدر المنثور: ج 8 ص 543 من طريق حرب بن شريح عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وعزاه إلى ابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية.
(٨٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 795 796 797 798 799 800 801 802 803 804 805 ... » »»