تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٣٠
ادعى علينا شيئا لم نقله لقتلناه صبرا، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته، وخص اليمين لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف أخذ بيمينه، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف، والمعنى: (لأخذنا) بيمينه (ثم لقطعنا) وتينه، و (الوتين): نياط القلب، وهو حبل الوريد، إذا قطع مات صاحبه.
(فما منكم) الخطاب للناس، والضمير في (عنه) لرسول الله، أو: للقتل، أي: لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل، أو: لا تقدرون أن تحجزوا عن ذلك وتدفعوا عنه، و (حجزين) صفة ل‍ (أحد) لأنه في معنى الجماعة، وهو اسم يقع في النفي العام، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ومنه قوله تعالى:
﴿لا نفرق بين أحد من رسله﴾ (١) ﴿لستن كأحد من النسآء﴾ (2)، و (من أحد) في موضع رفع بأنه اسم (ما). وقيل: إن الخطاب للمسلمين (3)، وكذلك في قوله:
(وإنا لنعلم أن منكم مكذبين) والمعنى: أن منهم ناسا سيكفرون بالقرآن.
(وأنه) الضمير للقرآن (لحسرة على الكفرين) به المكذبين له إذا رأوا ثواب المصدقين به، أو: للتكذيب. (و) إن القرآن لليقين (حق اليقين) كما يقال:
هو العالم حق العالم، والمعنى: لعين اليقين ومحض اليقين لا شبهة ولا ريب فيه.
(فسبح) بذكر (باسم ربك العظيم) الذي يتضاءل كل شىء لعظمته؛ شكرا على ما أوحاه إليك من القرآن الكريم.
* * *

(١) البقرة: ٢٨٥.
(٢) الأحزاب: ٣٢.
(3) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 607.
(٦٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 ... » »»