تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٧
نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر إذا خلوا بأشباههم (فطبع على قلوبهم) فجسروا على كل عظيمة.
وكان عبد الله بن أبي رجلا جسيما فصيحا صبيحا، وقوم من المنافقين في مثل صفته، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيستندون فيه، فشبههم الله سبحانه في عدم الانتفاع بحضورهم وإن كانت هياكلهم معجبة وألسنتهم ذليقة بالخشب المسندة إلى الحائط، أو: بالأصنام المنحوتة من الخشب، والخطاب في (رأيتهم تعجبك) لرسول الله، أو: لكل من يخاطب. وقوله: (كأنهم خشب) كلام مستأنف لا محل له، أو: في محل رفع على: هم كأنهم خشب، وقرئ: " خشب " (1) و (خشب)، والتحريك لغة أهل الحجاز واحدتها: خشبة، كبدنة وبدن، وثمرة وثمر، (عليهم) مفعول ثان، أي: (يحسبون كل صيحة) واقعة عليهم لجبنهم إذا نادى مناد في العسكر، أو: أنشدت ضالة ظنوه إيقاعا بهم، ويوقف على (عليهم) ويبتدأ (هم العدو) أي: الكاملون في العداوة (فاحذرهم) ولا يغررك ظاهرهم (قتلهم الله) دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم، أو: تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك (أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن الحق مع وفور أدلته.
(لووا رؤوسهم) عطفوها وأمالوها إعراضا عن ذلك واستكبارا، قرئ بالتخفيف (2) والتشديد للتكثير، أي: يستوي استغفارك لهم وعدم استغفارك لهم لأنهم لا يعتدون به لكفرهم، أو: لأن الله لا يغفر لهم.

(1) قرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي والمفضل عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص 636.
(2) وهي قراءة نافع والمفضل عن عاصم. راجع المصدر السابق.
(٥٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 ... » »»