تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٨٩
وهي يوم القيامة، وصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة.
(ليس لوقعتها) نفس (كاذبة) تكذب على الله، وتكذب في تكذيب الغيب، لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات، واللام مثلها في قوله تعالى: ﴿قدمت لحياتى﴾ (1). وقيل: (كاذبة) كالعافية بمعنى التكذيب من قولهم: حمل فلان على قرنه فما كذب، أي: فما جبن (2)، وحقيقته: فما كذب نفسه فيما حدثته به من إطاقته له، قال زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا * ما الليث كذب عن أقرانه صدقا (3) أي: إذا وقعت لم يكن لها رجعة ولا ارتداد. (خافضة) خبر مبتدأ محذوف أي: هي خافضة رافعة.
(إذا رجت الأرض رجا) أي: حركت تحريكا شديدا حتى ينهدم كل شيء فوقها من جبل وبناء. (وبست الجبال بسا) وفتتت حتى تعود كالسويق، أو:
سيقت وسيرت، من: بس الغنم إذا ساقها. (فكانت هبآء منبثا) متفرقا، وينتصب (إذا رجت) ب‍ (خافضة رافعة)، أو: على البدل من (إذا وقعت).
(وكنتم أزوجا) أي: أصنافا (ثلثة)، (فأصحب الميمنة) الذين يعطون صحائفهم بأيمانهم، (وأصحب المشئمة) الذين يعطونها بشمائلهم، أو: معناهما:
أصحاب المنزلة السنية وأصحاب المنزلة الدنية، من قولهم: فلان من فلان باليمين أو بالشمال: إذا وصفوه بالرفعة عنده أو بالضعة، وذلك لتيمنهم بالميامن وتشؤمهم

(١) الفجر: ٢٤.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 107.
(3) البيت من قصيدة طويلة يمدح فيها رجلا شجاعا، وعثر: اسم موضع، يقول: إذا كذب الفارس - أي جبن - عن أقرانه في الحرب صدق هو ونفذ عزمه وقتل قرنه.
أنظر ديوان زهير: ص 43 وفيه: " ما كذب الليث عن... ".
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»