(ونحن أقرب إليه) يريد: قرب علمه منه وتعلقه بالأحوال حتى لا يخفى عليه شيء منها، فكأن ذاته قريبة منه (وحبل الوريد) مثل في فرط القرب، كما قالوا: هو مني معقد العذار، والحبل: العرق، والوريدان: عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها يتصلان بالوتين يردان من الرأس إليه.
(إذ) منصوب ب (أقرب) والمعنى: أنه سبحانه يعلم خطرات النفس وهو أقرب إلى الإنسان من كل قريب حين (يتلقى المتلقيان) أي: المكان الحافظان يأخذان ما يتلفظ به، وهذا إيذان باستغنائه عز اسمه عن استحفاظ الملكين، إذ هو مطلع على أخفى الخفيات، وإنما ذلك لحكمة تقتضيه، وهي ما في ذلك من زيادة اللطف في انتهاء العباد عن القبائح والرغبة في العبادات، والتلقي: التلقن، والقعيد:
القاعد كالجليس، وتقديره: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد من المتلقيين، فترك أحدهما لدلالة الثاني عليه، كقول الشاعر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريا ومن جول الطوي رماني (1) (ما يلفظ من قول إلا لديه) ملك يرقب عمله (عتيد) حاضر معه.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " كاتب الحسنات على يمين الرجل، وكاتب السيئات على يساره، وصاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر " (2).