تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٠
والخشوع في وصف الأرض مستعار لكونها يابسة غير ممطورة، لا نبات فيها، وهو خلاف وصفها بالاهتزاز، والربو وهو الانتفاخ: إذا أخصبت وتزينت بالنبات تشبيها لها بالمختال في زيه، وشبهت قبل بالذليل الخاضع في الأطمار الرثة، وقرئ: " وربأت " (١) أي: ارتفعت.
ولحد الحافر وألحد: إذا مال عن الاستقامة فحفر في شق، فاستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة، وقرئ باللغتين (٢) (لا يخفون علينا) وعيد. وقوله: (إن الذين كفروا) بدل من قوله: (إن الذين يلحدون في ءايتنا)، والذكر: القرآن لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله (وإنه لكتب عزيز) منيع محمي بحماية الله. (لا يأتيه البطل) مثل، أي: لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات، ونحوه: ﴿وإنا له لحفظون﴾ (3)، وعن السيدين الباقر والصادق (عليهما السلام): " ليس في أخباره عما مضى، ولا في أخباره عما يكون في المستقبل باطل، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها ".
(ما يقال لك) أي: ما يقول لك كفار قومك (إلا) مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية (إن ربك لذو مغفرة) لمن آمن بك (وذو عقاب أليم) لمن كذبك، أو يكون المعنى: ما يقول لك الله إلا مثل ما قال للرسل من قبلك، والمقول: إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم.
(ولو) جعلنا القرآن (أعجميا) بغير لغة العرب، وسموا من لم يبين كلامه

(١) وهي قراءة أبي جعفر المدني وخالد. راجع تفسير القرطبي: ج ١٥ ص ٣٦٥.
(٢) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو بضم الياء وكسر الحاء في جميع القرآن، وحمزة وحده بفتح الياء والحاء، والكسائي في النحل مثل حمزة والباقي كما قرأه الجمهور من السبعة. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٢٩٨.
(٣) الحجر: ٩.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»