تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦
شيئا من تلك الأفعال حتى يصح ما ذهبتم إليه؟ ثم نزه نفسه عن أن يشرك معه غيره في العبادة.
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون (41) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين (42) فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون (43) من كفر فعليه كفره ومن عمل صلحا فلأنفسهم يمهدون (44) ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصلحت من فضله إنه لا يحب الكافرين (45)) المراد ب‍ (الفساد في البر والبحر) هو القحط وقلة الريع في المزروعات والبياعات (1)، ومحق البركات من كل شيء (بما كسبت أيدي الناس) يعني:
كفار مكة، يريد: بسبب كفرهم وشؤم معاصيهم. وعن الحسن: أن المراد بالبحر مدن البحر وقراه التي على شاطئه (2). وعن عكرمة: أن العرب تسمي الأمصار البحار (3). ويجوز أن يريد ظهور الشر والمعاصي بكسب الناس ذلك، والأول أوجه (ليذيقهم بعض الذي عملوا) أي: وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة (لعلهم يرجعون) عما هم عليه.
ثم أكد سبحانه تسبيب المعاصي لغضب الله ونكاله، حيث أمر بأن يسيروا في الأرض وينظروا كيف أهلك الله الأمم بمعاصيهم وشركهم.
القيم: المستقيم، البليغ الاستقامة الذي لا يتأتى فيه عوج، وتعلق من الله ب‍ (- يأتي) بمعنى: من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرده أحد، كقوله تعالى:

(1) في نسخة: " الزراعات والصناعات ".
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 482.
(3) حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 10 ص 191.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»