تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦
الكاف في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه الحال كحال إخراجك، والمعنى: أن حالهم في كراهة ما حكم الله في الأنفال مثل حالهم في كراهة خروجك من بيتك للحرب. ويجوز أن يكون في محل النصب على أنه صفة لمصدر الفعل المقدر في قولك: " الأنفال لله والرسول "، أي: الأنفال استقرت لله والرسول، وثبتت مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك مع كراهتهم، فعلى هذا لا يكون الوقف من قوله: * (قل الأنفال) * إلى قوله: * (بالحق) *، وعلى الأول جاز الوقف على قوله: * (والرسول) * وقوله: * (مؤمنين) *، و * (من بيتك) * يريد بيته بالمدينة، أو المدينة نفسها، لأنها مهاجره ومسكنه * (بالحق) * أي: إخراجا متلبسا بالحكمة والصواب الذي لا محيد عنه، وهو الجهاد * (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) * في موضع الحال، أي: أخرجك في حال كراهتهم.
* (يجادلونك في الحق) * فيما دعوتهم إليه، وهو تلقي النفير، وهو جيش قريش لإيثارهم عليه تلقي العير * (بعد ما تبين) * بعد إعلام رسول الله بأنهم ينصرون، وجدالهم أنهم قالوا: ما خرجنا إلا للعير، وذلك: أن عير قريش أقبلت من الشام معها أربعون راكبا منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص، فأخبر جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبر المسلمين، فأعجبهم تلقي العير، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم، فنادى أبو جهل فوق الكعبة: يا أهل مكة النجا النجا (1) على كل صعب وذلول، عيركم، أموالكم، إن أصابها محمد لن تفلحوا بعدها أبدا، وخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير، وفي المثل السائر: " لا في العير ولا في النفير " (2)، فقيل له:

(1) أي: أسرع أسرع، وأصلها النجائك النجائك، فيقصران. (القاموس المحيط: نجا).
(2) قال المفضل: أول من قال ذلك أبو سفيان بن حرب بعدما أقبل بعير قريش وعلم بتحين المسلمين انصرافه إلى مكة فيقطعوا عليه، فخاف خوفا شديدا وضرب وجوه عيره فساحل بها وترك بدرا يسارا، وقد كان بعث إلى قريش يخبرهم بما يخافه ويأمرهم بالرجوع، فأقبلت قريش، ورجعت بنو زهرة فصادفهم أبو سفيان فقال: يا بني زهرة لا في العير ولا في النفير. راجع مجمع الأمثال للميداني: ج 2 ص 172.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»